أنا أحب سورة البقرة جدًا، بس دائمًا كنت اسأل نفسي سؤالين وما كنت عارف إجاباتهم.
أول سؤال: ليش سورة البقرة اسمها كذا؟
ثاني سؤال: ايش علاقة مواضيع سورة البقرة ببعضها؟ يعني الله -عزّ وجلّ- تكلم فيها عن مواضيع كثيرة جدًا! ايش علاقة المواضيع هذي كلها ببعضها؟
سورة البقرة من أكثر السور اللي المستشرقين كانوا ماخذين عليها مطاعن، كانوا يقولون أنها 286 آية 49 صفحة، تخلص منها وانت مو عارف انت طالع وين وداخل وين، كل شوي الموضوع يتغير!
بل لدرجة إن بعض كبار علماء التفسير قالوا أن سورة البقرة لا يوجد ترابط بين آياتها، فهي سورة كلها أحكام
وظهر فريق آخر من العلماء ردوا على المستشرقين إنه مافي كلمة في القرآن الكريم مالها حكمة، بل كل كلمة لها حكمة وترابط مع غيرها لأن هذا كلام رب العالمين.
إجابة السؤال الأول وهو سبب التسمية: واحد من بني إسرائيل قتل شخص ثاني وما كانوا عارفين مين اللي قتله، راحوا لسيدنا موسى -بصفته نبي-
وسألوه مين اللي قتله؟ باعتبار انه أكيد مُتصل بالله كونه نبيّ، فالله -سبحانه وتعالى- رد على سيدنا موسى بأمر ذبح البقرة الصفراء عشان كذا هم ردوا بعدها "أتتخذُنا هزوا!"
يعني احنا نسأل مين اللي قتل الرجل وانت تقول لنا اذبحوا بقرة!
ثم تماطل بنو اسرائيل كعادتهم، بعد ذلك ذبحوا البقرة..
ثم بعد ذلك أمرهم الله أن يضربوا الشخص المقتول بعظام البقرة الصفراء المذبوحة، ولما فعلوا ما أمرهم به، قام الشخص من موته وأخبرهم مين اللي قتله.
"فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يُحيي الله الموتى ويريكم آياته..".
القصة كلّها عبارة عن معجزة تبيّن قدرة الله تعالى وأنه لا يستحيل عليه شيء
إجابة السؤال الثاني: نحاول نربط الآيات ببعضها باختصار.
سورة البقرة جزئين، الجزء الأول عبارة عن 3 قصص لـ3 خلفاء في الأرض.
الخليفة الأول هو سيدنا آدم "إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة".
ربنا كلّفه تكليف وكانت النتيجة إنه عصى ثم أطاع وجاب 50% في التكليف "وعصى آدم ربه فغوى".
الخليفة الثاني بني اسرائيل "ولقد اخترناهم على علم على العالمين".
ربنا كلفهم تكليف، كانت النتيجة 0%.. لم يتركوا معصية فى حق الله إلا وفعلوها.
الخليفة الثالث إبراهيم عليه السلام "إنّي جاعلك للناس إمامًا"
كانت النتيجة 100% وأطاع الله -سبحانه وتعالى- تمام الطاعة
الجزء الثاني من سورة البقرة كله أحكام، أحكام الصيام والقصاص والأسرة وتحريم الربا وأحكام الدين والإنفاق.
الله -سبحانه وتعالى- قبل مايقول لنا الأحكام، بيقول لنا انتم راح تكونون مين في الثلاثة؟ راح تكونون مثل آدم (تطيعوا وتعصوا)؟ ولا مثل بني اسرائيل "قالوا سمعنا وعصينا"؟
ولا مثل ابراهيم تُطيعون تمام الطاعة؟
لهذا السبب الجزء الأول كان فيه قصة الثلاث خلفاء
وبعدها في الجزء الثاني أتت الأحكام والتشريعات.
وفي الآخر قوله تعالى "لله مافي السماوات ومافي الأرض وإن تبدوا مافي أنفسكم أو تُخفوه يحاسبكم به الله".
لما نزلت الآية راح الصحابة للنبي صلّ الله عليه وسلم وبكوا عنده وقالوا يارسول الله أُمرنا بالصلاة والصيام والزكاة فصبرنا وامتثلنا لأننا كلفنا بما نطيق ولكن هذا تكليف بما لانطيق، فقال النبي صلّ الله عليه وسلم لاتكونوا كبني اسرائيل مع موسى قالوا سمعنا وعصينا! ولكن قولوا سمعنا وأطعنا
وعندما قالوها وأكثروا منها مدحهم الله بقوله تعالى "آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون"، "وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير"♥️.
ونزل التخفيف من الله عنهم بقوله "لا يكلف الله نفسًا إلا وُسعها لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت"♥️.
وختام السورة كان بدعاء الصحابة لله بقولهم "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" بمعنى إنه ياربّ لا تعاملنا مثل آدم لو فعلنا مثله فنسينا التكليف او أخطأنا فتطردنا من جنّتك..
"ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا" يارب لا تُعاملنا مثل بني اسرائيل، والإصر هو الشيء الثقيل على النفس..
لأن ربّنا قال لهم (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم).
"واعفُ عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين"
